كيف تزيد إنتاجيتك إلى أقصى الدرجات…تجربتي الشخصية

تحسين إنتاجك اليومي
تحسين إنتاجك اليومي

أردت أن أدون هذه التدوينة لما أرى فيها من الأهمية , فهناك الكثير من المحترفين والمهتمين بأن يكونوا منتجين يستنفدوا كل الطاقة ليزيدوا انتاجيتهم ويقضوا ساعات طويلة في العمل , ويعتقدون في كثير من الأحيان أنهم قادرين على إنجاز أكثر من ذلك في ساعات عملهم ولكن يتساءلون دوما لماذا لا نستطيع الإنتاج بأقصى ما لدينا؟
 كما أن الشركات لا يمكنها الاستغناء عن الأشخاص الذين يستطيعون إنتاج الكثير وإنجاز مهام ونشاطات مؤثرة مع محدودية الوقت.

وربما يخطأ الكثيرون الظن بأنه بقدر المنصب ينصب الاهتمام , بمعنى أنه لكوني أدير مؤسسة فهذا هو نشاطي الوحيد ولن أقوم بنشاطات أخرى , وأن تبريري لما أتقاضاه هو فقط لكوني أشغل هذا المنصب !

والحقيقة تقول أن كل المنتجين يعملون في نشاطات متعددة في اليوم الواحد , فعلى سبيل المثال المدراء الناجحين لا يكونوا فقط خلف مكاتبهم وإنهم يقوموا بجملة من المهام , من التواصل والاجتماعات وربما متابعة الامور خارج مؤسساتهم …إلخ

زيادة الإنتاج مع تنوع المهام ومحدودية الوقت
زيادة الإنتاج مع تنوع المهام ومحدودية الوقت

لذلك يأتي السؤال الأهم .. كيف نصل إلى أقصى درجات الإنتاجية مع وجود مهام مختلفة ومتباينة

هناك عوامل نتعرض إليها في إطار بيئة العمل تؤثر بشكل كبير على إنتاجنا , وقد مررت بكثير منها وكانت مصدر تساؤل دائم لدي , فقرأت وتطرقت إلى العديد من المحاضر والكتب لأجد ضالتي مثل المحاضر Dave Crenshaw الذي لديه الكثير في هذا الجانب  , فقد كنت أرى أني في عديد المرات لا أنتج بمقدار ما أكون في منزلي أو في بيئة هادئة .. وبعد جملة من المحاولات والأخطاء , وصلنا إلى توليفة ذات مردود ممتاز

دعونا بداية نحلل ما يمر في يوم العمل
 
1. ما نقوم به من مهام
2.  زملاء العمل
3. التركيز في المهام , العوامل المؤثرة


 1. المهام

هناك مهام متعددة نقوم بها بشكل يومي , ويمكن تقسيم المهام إلى نوعين من حيث الأهمية

1.1 مهام ذات قيمة عالية

وهي المهام التي بعملها تكون لها قيمة حقيقية في العمل , وأنها تمثل الجهد الحقيقي , فلو كنت رجل مبيعات فإن معدل المبيعات التي تقوم بها في اليوم يمثل لك الأعلى قيمة , أو تعمل كمبرمج فإن من أهم ما نقوم به هو التطوير والبرمجة بشكل مباشر أو أي مهام أخرى بحسب طبيعة العمل ,وقس على ذلك أي مثال أخر 
ويمكن تحديدها بشكل دقيق من خلال كتابة أهم المهام التي بعملها نكون أكثر إنتاجا وإعطاءها قيم وترتيب حسب الأكثر قيمة

1.2 مهام ذات قيمة منخفضة 

وهي المهام التي لا تمثل قيمة حقيقية في العمل , فمن ذلك طباعة الأوراق , حل مشاكل جهازك أو خلل في الشبكة  (يعتمد على طبيعة العمل) , حتى بعض الاجتماعات الغير هادفة قد تتبع لهذا التصنيف, ويمكننا تحديدها بنفس الطريقة السابقة من خلال كتابة المهام الأقل قيمة

لكي تكون منتجا عليك بالتركيز على المهام الاعلى قيمة في يوم عملك , وتخفيض المهام الأقل قيمة في اليوم

كما أن استخدام نظام الاختبار المتعارف عليه لتحديد المهام وكتابتها وترقيمها وهو

What ماذا ؟
ماذا عليه القيام به
Why لماذا ؟
لماذا عليه القيام بهذه المهمة
When متى ؟
متى يجب أن أقوم بهذه المهمة

1.3 مبدأ تخفيف الأحمال
تحفيف الأحمال للتحليق
تحفيف الأحمال للتحليق

إن المهام اليومية تكون عبارة عن أحمال سواء أكانت ذات قيمة أو لا , لذلك علينا دوما التخلص من هذه الأحمال , وغالبا نتجه بالتفكير في:
1- إيماننا بأنه ليس لدينا الوقت الكافي لإنجاز هذه الأحمال
2- استخدامنا لوسيلة تكنولوجية أو أداة أو تعيين شخص لأداء هذه المهام , وقد ينتهي بنا الحال بعد التجربة إلى النقطة الأولى بأن الإختيار كان خاطئ ومع وجود الأداة لا يوجد وقت كافي , وبالتالي نقتنع بأن هذا الحد الأقصى أو أفضل ما يمكن عمله

التفكير في تخفيف الأحمال دون أولويات
التفكير في تخفيف الأحمال دون أولويات

هناك أولويات علينا إتباعها حتى يتسنى لنا تخفيف الأحمال قدر الإمكان بالطريقة الأفضل وهي مرتبة حسب الأهمية

1- تحسين نظامك الشخصي : نظامك الشخصي مهم جدا في تخفيف أعباءك فما تملكه من مهارات وإمكانات متعلقة في تنظيمك للمهام 
وإدارتك لوقتك , تحمل المسؤولية , وقدرتك على التواصل يخفف الكثير من الأحمال

2- تحسين نظام العمل : طريقة العمل من المهام والتواصل فيها ومعرفتها و آلية عملها , وهل هناك مصادر توثيق ومرجعيات وترتيبات أم أن الأمر متعلق بهوا الشخص , هل الإجراءات واضحة في العمل أم لا , كيفية إتباع أمور الإدارية… إلخ

3- استخدام أفضل وسائل التكنولوجيا : التكنولوجيا أصبحت عامل مهم جدا في قيادة العمل والنجاح به , فاستخدام البرمجيات الحديثة والأنظمة يساعد كثيرا في التسهيل وتوفير الوقت , كما أن جهازك الحاسوب قد يكون سبب في تحميلك المزيد من الأعباء نظرا لبطئه

الخيارات الأخيرة : وهي تكون عند إيمانك بأن النقاط السابقة تم تغطيتها بشكل مقنع وكافي

4- الاستعانة بمصدر خارجي : وهو المبدأ الشهير بال (OutSource) بحيث يتم طلب الخدمة من مصدر خارجي بمقابل يتم الاتفاق عليه , وهي فكرة قد تكون غير منتشرة كثيرا في المنقطة العربية ولكنها قد تكون أقل كلفة بكثير من تعيين شخص وتوفير مكانه ومتابعة عمله.

5- تعيين شخص : وهو الخيار الأخير , بتعيين شخص مسؤول عن جزء من المهام بشكل دوري

وبطبيعة الحال سنعمل على تخفيف المهام الأقل قيمة بشكل كبير حتى نكون الأكثر إنتاجا , ويستذكرني موقف هنا لأخي الذي يعمل في إحدى المنظمات التي تعتمد على نظام البريد الإلكتروني للتعامل بشكل كبير فيما بينها , كانت تصله الكثير من الرسائل طلبا في حل مشكلات من جهات مختلفة من الأقسام , حتى أن بريده كان يصل إلى 70 رسالة في اليوم الواحد , ولو قام بفحص كل بريد لن يقوم بإنتاج شيء في اليوم الواحد , فقد يحوي البريد الواحد قصة طويلة لا يتعدا حلها سوآ خطوات سوء استخدام أو أمر متناهي البساطة !

 استطاع أن يتغلب على هذه المشكلة بوضع أحد المتدربين في المنظمة كنقطة تقوم بقراءة كل البريد وحل المشكلات المتعارف عليها وفي حال استعصى الأمر عم المتدرب يستشير أخي ويتم والإبلاغ من خلال المتدرب , وهكذا أنقذ الكثير من الأيام التي كانت ستذهب في المهام الأقل قيمة , ليقوم في مهامه الحقيقية في المنظمة


 2. زملاء العمل

زملاء العمل هم نقطة فارقة في العمل , فيمكن أن يكونوا مصدرا لزيادة إنتاجك وممكن أن يكون العكس , وبعيدا عن شخصياتهم أو مناصبهم يمكننا العمل معهم لنزيد إنتاجنا ونكون أكثر إنتاجا !

لنعتبر أنفسنا في ملعب كرة قدم , حتى أكبر نجوم الكرة لا تكمل نجوميتهم بالشكل الفردي إلا لو كانوا يستطيعون تقديم الحلول لجميع اللاعبين

كيف يمكننا زيادة إنتاجنا من خلاء زملاءنا ؟

 2.1 تقديم المساعدة

إن تقديم المساعدة للزملاء في العمل من شأنه أن يزيد القيمة الحقيقة لك عند الجميع وعدم القدرة عن الاستغناء عنك , وبالتالي ليس فقط ما تقوم به هو من يجعلك منتجا , بل ما تقوم به أيضا لجعل من حولك أكثر إنتاجا !

ولكن يتطلب ذلك استيعاب الحاجة الحقيقية لهم , والسؤال دوما ” كيف بإمكاني مساعدتك ” , ” ماهي المشاكل التي تعوقك من خلالي “

2.2 معرفة المهام الأكثر قيمة للزملاء

إن اهتمامك بمهام زملاءك والحفاظ على أوقاتهم من شأنه أن يعزز أهميتك  كما سبق وأن ذكرنا , لذلك عليك معرفة ماهي المهام الأكثر قيمة لهم والأقل كذلك لمساعدتهم في زيادة قيمة أوقاتهم , ويمكن معرفة ذلك من خلال الجلسات وعمل مقارنة بالمهام ومعرفة المهام المشتركة
ومن الملفت أن  المهام الأقل قيمة بالنسبة لهم هي الأكثر قيمة بالنسبة لك وكذلك العكس , مما يساعد على تخفيف الأحمال بشكل مشترك

جلسات العمل لتحديد المهام الأكثر قيمة
جلسات العمل لتحديد المهام الأكثر قيمة

 3. العوامل المؤثرة

هي عوامل تؤثر على التركيز بشكل كبير , وتلعب دور كبير في الإنتاجية , لأن التركيز عنصر أساسي لإنجاز المهام الأكثر قيمة , لنناقش أهمها

3.1 مبدأ تعدد المهام الخاطئ !

هناك العديد من الناس من ينجذب إلى هذا المبدأ وفي الحقيقة هو مبدأ غير صحيح فقوله تعالى ” ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ” يصدق هذا الكلام , فلا يمكن لأحد عمل مهمتين بنفس الوقت ويقتضي ان يذهب من واحدة للأخرى , والتحول بين المهام من شأنه  أن يزيد الضغط على الشخص ويسبب ضياع الوقت وكذلك زيادة نسبة الخطأ , وترتيب المهام وعمل كل واحده بشكل مركز  , وعندما ذكرت ذلك أمام زميلات لي في العمل , ذكرن أن هذا المبدأ موجود فقط عند الرجال والمرأة تملك القدرة على تعددية المهام
ولكن هذا أيضا غير دقيق , فالمرأة تستطيع أن تفعل أشياء كثيرة في الوقت الواحد ولكنها تكون أعمال غير مركزة أو سطحية , كحمل الأطفال ومكالمة الهاتف في الوقت ذاته…إلخ , وهذا يصعب على الرجل
أما حقيقة العمل فهي تختلف والمهام تحتاج إلى دقة وتركيز أكثر , مما يجعلها في حال اعتمادها على المبدأ أن تنجز المهام بجودة أقل بكثير
ودليلي في ذلك كان بأن الله جعل شهادة الرجل بشهادتين للمرأة لأنه يركز في الحالة بشكل عميق أما المرأة فتركز على أشياء كثيره مما يفقدها في نفس الوقت

3.2 العوامل الخارجية

وتحدث من خلال البيئة المحيطة التي من شأنها التأثير على الإنتاجية والتركيز , و من أشهر العوامل

1- المنبهات  : أصبحنا اليوم نعيش في عالم تقني واسع وأصبح حولنا في العمل الكثير من المنبهات بوصول رسائل قصيرة أو بريد إلكتروني أو أي تنبيه , وفي هذه الحالة يفضل تحديد وقت محدد للرد على هذه الرسائل أو البريد الإلكتروني , ولو كان بالإمكان إبلاغ المتصلين بموعد الردود , وبالتالي فإننا استطعنا جدولة التقنية والتحكم بها , وعدم جعلها هي من تتحكم في مواعيدنا وافقادنا التركيز 

منبهات إلكترونية مختلفة
منبهات إلكترونية مختلفة

2- الاتصالات والمحادثة السريعة : كثير ما يحدث أن يتصل أحدهم أو يقاطعك أخر باستفسارات , تحتاج إلى تفاصيل وهي غير طارئة , والأفضل تنظيم موعد لعقد اجتماع يتم مناقشة الاستفسارات , للتأكد من عدم المقاطعة للمهام الرئيسية

3- الضوضاء والأصوات: الضوضاء والأصوات الخارجية تؤثر بشكل مباشر على التركيز , لذلك فالأفضل هو توفر مكان هادئ بعيد عن الضوضاء أو استعمال مقاطع سمعية لعزل الأصوات الغير معتادة ولكن إذا احتجت هذا النوع فعليك أن تأخذ حذرك من أن تكون مصدر إزعاج للأخرين

4- التواصل من خلال الرسائل القصيرة : استعمال الرسائل القصيرة يكون لغرض الإبلاغ السريع , وليس للمحادثات الطويلة , بمعنى الاعتماد عليها لإيصال المعلومات من وإلى وهكذا , والأفضل في هذه الحالة هو التواصل المباشر من خلال الهاتف او وجه لوجه , لأنها أوفر بكثير من استعمال الرسائل كنظام تبادلي

5- إذا كانت طبيعة العمل تطلب مقاطعات كثيرة : مثلا أن تكون دعم فني , فإن مبدأ تعدد المهام ليس الحل , وإنما الحل بتحديد مواعيد أقل من المواعيد المحددة بالعادة وترك مسافات فيما بينها لحدوث أي مقاطعات

طبعا لا يمكن التغلب على كل العوامل الخارجية ولكن بقدر ما نستطيع تقليصها بقدر زيادة الإنتاجية والتركيز

3.3 العوامل الداخلية

كما أن هناك عوامل خارجية تؤثر على التركيز هناك عوامل بداخلك تؤثر على تركيزك وسنذكر أهم العوامل المتعلقة

1- تحديث الرسائل , البريد ..إلخ : وهي التحديث المستمر لمعرفة ما إذا كان هناك رسائل جديدة قد وصلت حديثا , وهي قضية متعلقة بالعقل ببرمجته على هذه الطريقة , ولكن الحل هو بتحديد موعد معين لفحص الرسائل

2- الأفكار : هناك الكثير منا من هم مفعمين بالأفكار , ولكن أفكارهم تؤثر على عملهم وتقطع تركيزهم , لذلك علينا أن نضع هذه الأفكار في مكان معروف (ورقة , هاتف محمول…إلخ ) ومناقشتها في الوقت المخصص لها

ترتيب الأفكار
ترتيب الأفكار

3- أخذ القرارات المتعلقة بالعمل : نتعرض كل يوم لقرارات بخصوص عملنا والتعامل معها كجملة واحدة يؤثر كثيرا في التركيز , والأفضل هو تحديد القرار ومن ثم تنفيذه مباشرة دون الذهاب إلى قرار أخر دون إنجاز السابق.

4- الشاشات : هناك الكثير من الشاشات التي قد تشد انتباهنا بشكل أو بأخر , لذلك كثرتها قد يؤدي إلى الكثير من المقاطعات , وقد كنت ممن يضع الكثير من الشاشات على مكتبي مما كان يؤثر على تركيزي , كما أني كنت أكلم بعض زملائي وأنا أناظر الشاشة , وهذا ما كان يثيرهم في بعض الأحيان وكذلك لا يجعلني أركز ي مهمتي , لذلك أخذت ذلك في عين الاعتبار وأصبحت أناظر الشاشة التي أعمل عليها , وعند محادثتي لزميل أقوم بإغلاقها أو الابتعاد عنها
 ولو كان العمل يتطلب استعمال الحاسوب يفضل أن يتم التركيز في البرامج الخاصة بالعمل والبعد عن أي شيء قد يقطع الإنتاجية مثل شبكات التواصل الاجتماعية أو قراءة الأخبار , بل تخصيص وقت مناسب لها

كثرة الشاشات المحيطة
كثرة الشاشات المحيطة

5- الصبر :اعتدنا عند طلب خدمة أو شيء أن ينفذ في الحال , والحقيقة أن هناك الكثير من الطلبات من تحتاج إلى الانتظار برهة أو وقت قصير كطلب دعم أو انتظار رد , في هذه الحالة يستحسن أخذ قسط بسيط من الراحة  والاسترخاء أفضل من الانتقال إلى مهمة أخرى والبقاء عالقا بين المهمتين

إن كوننا منتجين أمر يجعلنا مرتاحين في أعمالنا ويرغبنا في عملنا أكثر وأكثر ولكي نكون أكثر واقعية , لا يمكننا التخلص من هذه العوائق بشكل تام , وإنما كلما زادت قدرتنا على تقليلها كلما كنا أكثر إنتاجا , أتمنى أن تساهم هذه المقالة في رفع الإنتاج

دمتم بود , إلى تدوينة أخرى

NO COMMENTS

LEAVE A REPLY