تشارك في أحداث مكتوب على أجندتها “Networking” أو “تشبيك” وتتنافس لإلتقاط تذكرة دخول إحداها …. وأخيرا حصلت على التذكرة، نعم لديك الطاقة للحديث والتواصل مع كل الناس الموجودين، تقوم وبشجاعة تامة بالحديث إلى الأشخاص، وتتبادل بطاقات العمل الخاصه بكم، لديك الآن مجموعة كبيرة من بطاقات العمل وجهات التواصل … ماذا بعد؟
تقوم بإضافتهم إلى قوائم البريد, أو مراسلتهم بشكل مباشر, ولكن دون جدوى تذكر، أو ردود بارده … فتبدأ بالشك هل الخلل في الحدث، الأشخاص، في قدرتي على التواصل … ماذا بعد؟
طريقة التفكير في التواصل مع الآخرين، تبدأ بتغيير بسيط يمكنه أن يصنع فارق كبير
المسألة متعلقة بطريقة التفكير، فعندما تتواصل مع الآخرين فإنك تفكر في السؤال التالي “ماذا يمكن أن يفيدني هذا الشخص” وهذه الطريقة المألوفة التي يتواصل عليها الآخرون مما يجعل من التواصل أكثر تعقيد، وفي حال وجود شخص تعتقد أنه بالغ الأهمية لك، قد لا تكون أنت مهما بالنسبة له بسبب طريقة التواصل.
القيمة ليست في عدد بطاقات العمل التي استطعت الحصول عليها، القيمة الفعلية هي في جودة العلاقات التي تقوم بالتواصل معها.
فبداية بناء علاقات قوية, هي تبدأ بعكس طريقة السؤال من “ماذا يمكن أن يفيدني هذا الشخص” إلى “ماذا يمكنني أن أقدم لهذا الشخص” ومن هنا تبدأ بناية علاقة حقيقة و استراتيجية سترتد على عملك وعلى شخصك بالكثير، متى؟ أين؟ لا تعلم.
طريقة التواصل الأولية، الأسئلة التي يمكن أن تبدأ فيها الحوار
إذا فالأمر متعلق بماذا يمكنني أن أقدم، ولكن كيف يمكنني التواصل مع الناس بهذا الطريقة؟ قد يتبادر إلى الذهن أنك ستذهب إلى الناس وتخبرهم “كيف يمكن أن أساعدك؟”.
ولكن هذا أسوأ سؤال يمكن أن تسأله لأحد لأنه بطريقة ما يشعر بأنه يحتاج المساعدة منك، وغالبا ما ستجد أن الإجابة تكون ب “شكرا لا أحتاج إلى هذا”، لذلك عندما تبدأ أي تواصل عليك بالتأكيد معرفة الشخص الذي ستتواصل معه، ماهي المشاكل التي يواجهها، وكيف أنك بالفعل تستطيع المساعدة وتقديم فائدة.
لذلك حاول دائما الدخول بعمق في معرفة مشاكل وتحديات الآخر قبل طرح المبادرة أو المساعدة، وعندما تعرف ذلك يمكن طرح المساعدة في المشكلة أو التحدي الذي يواجه الآخر.
السياق هو مفتاح بناء العلاقه العميقة
عليك في أغلب الأحيان عندما تتحدث لأي أحد في البداية يكون الحديث الجانبي سطحي، وهنا يكون دورك في الدخول بعمق في أي حديث، مثل أن يقول أحدهم أنا أحب العمل كمبرمج، يمكن أن يكون ردك “شيء عظيم” وهذا رد سطحي، ولكن يمكنك أن تسأل “لماذا تحب العمل كمبرمج؟”.
وهنا يبدأ الحديث الأعمق عن تفاصيل لا يمكن معرفتها إلا من خلال صنع سياق بهذا الشكل، لا يعني ذلك أن كل حديث يمكن أن يكون فرصة لحديث عميق، ولكن الفكرة هنا متعلقة بأن عليك دائما التفكير في صنع سياق أو حديث يتذكره الأخرون، وكذلك تتعرف فيه على المشاكل والتحديات للآخر مما يتيح لك الفرصة لتقديم المساعدة.
تعامل مع الناس بدون ألقاب، الإنسان يبقى إنسان !
سواء كان وزير أو مشهور أو أي شخص تعتقد أنه أكثر نفوذ منك، أو لديه مال أكثر، هو بالنهاية إنسان مثله مثلك، ولد وكبر وتعلم كيف يمشي وعمل أخطاء كثيرة حتى أصبح الشخص الذي تراه اليوم.
فجرب مثلا أن تتكلم لشخص مشهور “أنت رائع”، “أنا معجب بك” هو يستقبل ذلك بشكل يومي وأنت وضعت نفسك في منطقة موجود فيها الجميع، وأنت لن تشكل أي فارق بالنسبة له.
لكن حينما تتعامل معهم كإنسان يختلف الأمر، وتصبح العلاقة مبنية على هذا التعامل مما يسهل بالنهاية الأمر، ويكون هناك جدية في بناء العلاقة.
كيف تقابل مدير شركة آبل، كوكولا، مايكروسوفت …. وغيرها
بالتأكيد يمكنك مقابلة الشخص الذي تريد، ولكن عندما تأتي للأشخاص أصحاب النفوذ، فإن الأمر سيكلفك الكثير للوصول إليهم بشكل مباشر، حيث سيستهلك الكثير من الوقت والجهد والتكلفة لفعل ذلك.
ولكن الأسهل من ذلك هو الوصول إلى أشخاص لهم علاقة بالشخص الذي تريد مقابلته، هذا سيوفر عليك الكثير من العناء والجهد، فعند بناء الأشخاص المحيطين بأي شخص وبناء الثقة اللازمة، يمكنك بسهولة طلب التقديم من خلال هؤلاء الأشخاص.
الإختيار الدقيق للنواة التي حولك، تجعل علاقاتك أكثر جودة وقوة
ليس معنى أنك تفكر بطريقة “ماذا يمكنني أن أقدم” أن يكون عندك تواصل مع جميع من تقابل، وأن تجهد نفسك في التواصل مع الآخرين، بل عليك أن تختار بدقة الأشخاص الذين يحيطون بك، وهذا حتى تحافظ على جودة العلاقات مع هؤلاء الأشخاص، بمعنى أن تقوم فعلا بتقديم حق العلاقة معهم.
وهؤلاء الأشخاص سيكون من المهم تقديم المساعدة لهم دائما دون التفكير في منطق “ماهو المقابل؟”، “قمت بخدمته مرارا بالمقابل لم أجد شيئا”، وعليك أن تكون على تمام القناعة أنك بمجرد تقديم المساعدة والدعم للأشخاص، سيكون ذلك مردوده كبير عليك على المدى الأبعد.
لا تعد أحد بأي شيء، إلا إذا كنت تستطيع فعل ذلك
الكثير من الناس يقع في هذه المشكلة لكسب العلاقات، وهي حقيقة تؤثر على سمعتك كشخص، فلا تعرض على أحد أي شيء إلا إذا كنت متأكد تماما من قدرتك على تلبية هذه المساعدة بالشكل الذي عرضته.
قدم الناس للناس إذا كنت تعتقد أن هناك قيمة حقيقية
وهذه من الأشياء الأخرى التي تجعل منك إنسان قيم بأنك تستطيع ربط الأشخاص المناسبين في بعضهم البعض، فعندما تعلم أن هناك قيمة فعلية من وجود شخصين أنت على معرفة بهم، حاول دائما تقديمهم إلى بعضهم البعض.
ولكن أكرر أنه يجب أن تتأكد من أن هناك قيمة حقيقية من معرفة هؤلاء الأشخاص ببعضهم البعض وأنهم يشاركون نفس الهدف.
ولكن السؤال كيف يمكنك تقديم الأشخاص إلى بعضهم البعض، سواء عن طريق الأونلاين أو الأوفلاين. لنفرض أنك تعرف أحد المستثمرين الذي يهتم بالإستثمار في المشاريع التقنية المتعلقه بالمجال المالي وإسمه “فادي”، وتعرف أحد ريادين الأعمال الذي يعمل منذ سنوات طويلة في مشروع خاص بالتقنية في المجال المالي وإسمه “محمد”.
عندما تقدم “محمد” ل “فادي” يمكنك إرسال شيء مثل “مرحبا فادي، كيف الحال، حابب أعرفك على شخص ممتاز في مجال التقنية المالية، بنصحك فيه، فيك تتراسلوا مع بعض، تحياتي” هذه الرسالة سطحية جدا، ولا يوجد فيها أي تفاصيل يمكن القياس عليها.
ولكن يمكنك أن تقدمه على النجو التالي،
“مرحبا فادي،
كان من الجميل تناول القهوة معا في يوم الأحد الماضي.
محمد، فادي هو أحد المستثمرين الذين يستثمروا في المشاريع التقنية المالية، ولديه العديد من الإستثمارات الناجحه في هذا المجال.
فادي أجد أنه من المهم تقديم محمد كريادي أعمال يعمل في مجال تقنية المعلومات المالية منذ 5 سنوات، وخلال هذه الفترة إستطاع إنشاء مشروع XYZ الذي يقوم ب ZZZ.
محمد يتطلع إلى إيجاد أشخاص لديهم الخبرة في المجال التقني، بالإضافة إلى أنه يريد توسيع مشروعه الحالي ضمن خطة مصممة.
يمكنكم التواصل معا، وإبقوني على ما يمكنني تقديمه لذلك.
تحياتي”
هنا بإختصار بينت الهدف من تواصل كل شخص، ولماذا عليه أن يتواصل مع الآخر. ولكن للتأكيد لا تقدم أحدا لأحد إلا عندما تتأكد أن هؤلاء الأشخاص مناسبين لبعضهم البعض، لأنه بفعلك النقيض فستنخفض مصداقيتك وكذلك جودة ما تقدم.
إذا فخلاصة القول هي بأن التشبيك لغرض التشبيك ليس له أدنى قيمة، طالما الهدف هو بناء علاقات فعليه ومجديه ولها أثر فعلي على المدى البعيد، وعليك أن تعطي دون أن تفكر في القيمة المباشرة التي ستحصل عليها.
أتمنى لكم علاقات مثمرة وناجحة.
حسام الكرد